بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد
فإن قراءة الأسانيد وفهمها على الوجه الصحيح يعتبر من الفنون التي اختص الله بها أصحاب الحديث دون غيرهم، وربما عسرت حتى على أصحاب الاختصاص منهم، فلا يدرك غوامضها، ويسبر غورها، ويفهم المراد من تراكيبها إلا الكيس الفطن منهم، وفي بعض الأحيان قد ينغلق فهمها حتى على المحدث المتمرس، ومن الأسباب المعينة على فهم تحويل الأسانيد وتراكيبها وفهم المراد منها الاعتناء بعلامات الترقيم عند تحقيق دواوين السنة المسندة، وسأذكر فيما يلي تلك الأمور التي تكون سببًا في غموض فهم الأسانيد، فأقول مستعينًا بالله:
الأمر الأول: الاهتمام بصيغ الأداء:
قال الإمام مسلم في صحيحه (2/48): "حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، أخبرني سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبدالله بن معبد، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( كشف رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه ...).
ثم قال رحمه الله: "قال أبو بكر: حدثنا سفيان، عن سليمان، حدثنا يحيى بن أَيوب، حدثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبدالله بن معبد بن عباس، عن أبيه، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: (كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه ...).
هكذا وقع في الإسناد الثاني "قال أبو بكر: حدثنا سفيان، عن سليمان، حدثنا يحيى بن أيوب ..."، في طبعات مسلم التي وقفت عليها، وفي بعضها أعطي الحديث الثاني رقمًا جديدًا (479) كما في طبعة الأستاذ فؤاد عبدالباقي رحمه الله، وتبعه على ذلك من جاء بعده.
ووقع في تحفة الأشراف للمزي (5/49) الإسناد هكذا: "(م في الصلاة) عن سعيد بن منصور وأبي بكر ابن أبي شيبة وزهير بن حرب، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، وقال أبو بكر: حدثنا سفيان، عن سليمان، عن يحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبدالله بن معبد ..".
وهذا الإسناد بهذا التركيب يعطي القارئ أن سليمان يرويه عن يحيى بن أيوب، وهذا خطأ فسليمان في السند الثاني هو: ابن سحيم، ويحيى بن أيوب هو: شيخ مسلم، فأراد مسلم رحمه الله أن يبين أن شيوخه الثلاثة: سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وزهير بن حرب، رووا هذا الحديث عن سفيان بن عيينة، فأما سعيد بن منصور وزهير بن حرب فقالا في روايتهما: (حدثنا سفيان، قال: أخبرني سليمان بن سحيم)، وأما ابن أبي شيبة فقال في روايته: (حدثنا سفيان، عن سليمان)، فلم يصرح ابن أبي شيبة في روايته عن سفيان بن عيينة بالسماع.
وقد ورد في نسخة بعد قوله عن سليمان (بهذا). أي بالإسناد السابق لتوضح المراد.
وقد نبه على ذلك النووي رحمه الله فقال في شرحه (4/197): "قوله: (قال أبو بكر: حدثنا سفيان، عن سليمان) هذا من ورع مسلم، وباهر علمه، لأن رواية اثنين عن سفيان بن عيينة أنه قال: أخبرني سليمان بن سحيم، وسفيان معروف بالتدليس، وفي رواية أبي بكر، عن سفيان، عن سليمان، فنبه مسلم على اختلاف الرواة في عبارة سفيان".
لكن الذين طبعوا الكتاب وحققوه لم يتنبهوا لما قاله النووي رحمه الله، ولم يفهموا مراد الإمام مسلم، وإلا لما أعطوا رقمًا جديدًا للإسناد الثاني، ولا وضعوا قبله نقطة تدل على انتهاء الحديث الذي قبله.
والإمام مسلم رحمه الله إذا جمع بين شيوخه في الرواية يشير إلى ألفاظ الأداء للشيوخ إذا كانت مختلفة، وله في ذلك صور:
1/ منها ما يكون في أول الإسناد قال رحمه الله (1/161): "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعًا، عن ابن علية -قال زهير: حدثنا إسماعيل بن علية-، عن أبي حيان.
وقال رحمه الله (1/183): "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار وألفاظهم متقاربة، -قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا غندر، عن شعبة، وقال الآخران: حدثنا محمد بن جعفر-، حدثنا شعبة.
وقال رحمه الله (1/210): "وحدثنا أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى، -قال أحمد: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا- ابن وهب.
وهذه الصور هي الغالبة على صنيع الإمام مسلم رحمه الله.
2/ ما يكون بعد انتهاء الحديث، قال رحمه الله (2/39): "حدثنا سريج بن يونس ويعقوب الدورقي، قالا: حدثنا هشيم، عن سيار، عن الشعبي، عن جرير رضي الله عنه قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع ...)، وقال: "قال يعقوب في روايته: قال: حدثنا سيار".
وقال في (2/93): "وحدثني أبو أيوب الغيلاني سليمان بن عبيدالله وحجاج الشاعر، قالا: حدثنا عبدالملك بن عمرو، حدثنا قرة، عن أبي الزبير، حدثنا جابر بن عبدالله رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ...)، وقال: "قال أبو أيوب: قال أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه".
وقال في (3/124): "حدثنا هارون بن معروف، ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر، قالوا: حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن حَبان بن واسع حدثه أنه سمع عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه (رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ...)، ثم قال: "قال أبو الطاهر: حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث".
وقال في (5/29): حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قالا: أخبرنا النضر بن شميل، أخبرنا شعبة، حدثنا محمد هو ابن زياد، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن عفريتاً من الجن جعل يفتك علي البارحة ...)، وقال: "وقال ابن منصور: شعبة، عن محمد بن زياد".
وهذا قليل عنده.
3/ وربما ذكره في الأول والأخير لكنه يضيف إليه فائدة، فقال في (3/123): حدثنا عمرو بن سوّاد العامري، ومحمد بن سلمة المرادي، وأحمد بن عيسى وألفاظهم متقاربة، قال عمرو: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد ابن أبي حبيب، ثم قال: "وقال المرادي: حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث في هذا الحديث".
وهذا قليل جدًا عنده.
الأمر الثاني: جمع الشيوخ:
قال الإمام مسلم (5/90): وحدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد، حدثني أبي، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن عبدالله بن الحارث وخالد، عن عبدالله بن الحارث كلاهما، عن عائشة رضي الله عنها أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بمثله غير أَنه كان يقول (يا ذا الجلال والإكرام).
والقارئ لهذا لإسناد ربما يظن أن عبدالله بن الحارث وخالد كلاهما روياه عن عائشة رضي الله عنها، لتأخر أداة الجمع.
والصواب أن خالد الحذاء وعاصم الأحول كلاهما رواه عن عبدالله بن الحارث.
قال المزي في تحفة الأشراف (11/435): "م في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله بن نمير، كلاهما عن أبي معاوية، وعن ابن نمير، عن أبي خالد الأحمر، كلاهما عن عاصم الأحول، وعن عبدالوارث بن عبدالصمد بن عبدالوارث، عن أبيه، عن شعبة، عن عاصم، وخالد الحذاء، كلاهما عن عبدالله بن الحارث به".
الأمر الثالث: التحويل بين الأسانيد:
قال أبو نعيم في حلية الأولياء (تقريب البغية 1/410): حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن المثنى، ح وحدثنا أحمد بن حمدان، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، قالا: ثنا أبو داود، ح وحدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني يحيى بن سعيد، قالا: ثنا شعبة، عن قتادة، سمعت زرارة يحدث عن عبدالرحمن بن أبزى ... الحديث.
فالتحويل الأول والثاني: ابن المثنى والإمام أحمد كلاهما يروي هذا الحديث عن أبي داود الطيالسي، والتحويل الثالث: يروي الطيالسي ويحيى بن سعيد الحديث عن شعبة.
وقد وقع سقط في طبعة الكتاب العربي (7/179) وفي طبعة دار الكتب العلمية (7/167) مما صعب الأمر على القارئ، وشوش عليه فهم السند، فقد جاء فيهما السند كما يلي: (حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن المثنى، ح وحدثنا أحمد بن حمدان، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، قالا: ثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت زرارة يحدث عن ابن عبدالرحمن بن أبزى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر ..).
فكأن محمد بن المثنى ويحيى بن سعيد كلاهما روى الحديث عن شعبة، وهذا غير صحيح، فابن المثنى لا يروي عن شعبة.
الأمر الرابع: اختلاف الرواة في متن الحديث:
قال البخاري في الصحيح (4/1673): حدثنا صدقة، أخبرنا يحيى، عن سفيان، عن سليمان، عن إبراهيم، عن عَبيدة، عن عبدالله رضي الله عنه قال يحيى: بعض الحديث عن عمرو بن مرة قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرأ علي ...).
والمعنى: أن يحيى القطان بين أن الثوري يروي بعض الحديث عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، قاله الحافظ في الفتح (8/251).
الأمر الخامس: اختلاف الرواة في سند الحديث:
قال أبو داود في السنن (؛1/423): حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى، عن ابن المبارك، عن الحسن بن ذكوان، عن سليمان الأحول، عن عطاء قال إبراهيم: عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطى الرجل فاه).
فمحمد بن العلاء يروي الحديث عن عطاء مرسلاً، وإبراهيم يرويه عن عطاء، عن أبي هريرة موصولاً.
وقال (1/433): حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي، حدثنا ابن وهب، ح وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث وحديث ابن وهب أتم، عن معاوية بن صالح، عن أبى الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قتيبة: عن أبى الزاهرية عن أبى شجرة لم يذكر ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف ..).
والمراد أن ابن وهب يروي الحديث عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة أبي شجرة، عن ابن عمر موصولاً، ويرويه قتيبة، عن الليث، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
الأمر السادس: بسبب التعريف بالراوي:
قال الإمام أحمد في المسند (3/256): حدثنا يزيد وعباد بن عباد، قالا: أخبرنا هشام بن أبي هشام قال عباد بن زياد، عن أمه، عن فاطمة ابنة الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة ..).
والمعنى أن يزيد بن هارون قال في نسب شيخه: (هشام بن أبي هشام)، وقال عباد بن عباد في نسبه: (هشام بن زياد)، لكن الحسيني وأبا زرعة العراقي لم يفهما مراد الإمام أحمد فظنا أن (عباد بن زياد) راو في السند.
قال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة (1/711): "عباد بن زياد، عن أمه، عن فاطمة بنت الحسين رضي الله عنهما، وعنه: عباد بن عباد المهلبي مجهول كأمه، قلت: تبعه ابن شيخنا، لكنه قال: (لا يعرف كأمه) كذا قالا، ولا وجود لعباد بن زياد هذا في الرواة، وإنما وقع في سياق السند شيء نشأ عنه هذا الخطأ".
وقال الإمام أحمد في المسند (36/371): حدثنا أبو المغيرة، وأبو اليمان قالا: حدثنا أبو بكر، حدثني الوليد بن سفيان بن أبي مريم، عن يزيد بن قُطيب السّكوني، عن أبي بحرية قال أبو المغيرة في حديثه: عن عبدالله بن قيس قال: سمعت معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الملحمة العظمى ...).
والمعنى أن أبا اليمان قال في روايته: (عن أبي بحرية)، وأما أبو المغيرة فلم يكنيه بل سماه فقال: (عبدالله بن قيس)، وربما ظن من لا خبرة عنده أن عبدالله بن قيس هو الأشعري الصحابي وأنه يرويه عن معاذ رضي الله عنهما.
وقال (19/339): حدثنا محمد بن جعفر وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي الأبيض قال حجاج: رجل من بني عامر عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
والحسيني لم يفهم مراد الإمام أحمد فظن قوله (حجاج رجل من بني عامر) راو فقال في الإكمال (1/201): "حجاج العامري، عن أنس رضي الله عنه، وعنه أبو الأبيض، مجهول".
قال ابن حجر في تعجيل المنفعة (1/434): "حجاج العامري، عن أنس رضي الله عنه، وعنه أبو الأبيض مجهول". قلت: هذا لا وجود له في الخارج، بل هو خطأ نشأ عن سوء فهم ... فمشى الحسيني على ظاهر السياق مع مراعاة العادة في حذف قال في الخط مع النطق بها، فصار ظاهر هذا أن القائل قال: (حجاج هو أبو الأبيض)، وأن لأبي الأبيض شيخًا يقال له: حجاج العامري، وليس كذلك، بل القائل قال حجاج: هو الإمام أحمد، وحجاج هو ابن محمد شيخ أحمد، وقوله (رجل من بنى عامر) مقول حجاج بن محمد".
وقال ابن حجر في طريقة الإمام أحمد هذه في تعجيل المنفعة (1/347): "وقد كان أحمد لهجًا ببيان اختلاف ألفاظ مشايخه ... هذا أمر بين لا خفاء به، وإنما يريد أحمد بذلك بيان اختلاف ألفاظ مشايخه، فيترتب على إعادته اسم شيخه غير منسوب أن الصفة التي يزيدها على رفيقه هي صفة الاسم الذي لا ينسبه، فيُظن أنه شيخ آخر قديم، وليس كذلك".
وقال الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/1071): حدثنا محمد, قال : حدثنا شعبة، وحجاج, قال: حدثني شعبة، قال: سمعت هشام بن زيد قال حجاج بن أنس بن مالك يحدث عن أنس رضي الله عنه مثل ذلك.
فقوله (قال حجاج: ابن أنس بن مالك) يريد أن حجاجًا في روايته نسب هشام بن زيد فقال في نسبه: بن أنس بن مالك، بينما محمد بن جعفر لم يزيد على قوله في روايته (هشام بن زيد).
الأمر السابع: الاختصار في الرواية:
قال الإمام أحمد (13/26): حدثنا أبو كامل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، عن الأغر وأبي سلمة، عن أبي هريرة، ويعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن شهاب، عن أغر، عن أبي هريرة، ولم يذكر يعقوب: أبا سلمة، قال عبدالله بن أحمد: قال أبي: حدثناه يونس، عن الأغر، وأبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان يوم الجمعة ...).
والمعنى أن إبراهيم بن سعد الزهري اختلف عليه في هذا الحديث: فأبو كامل رواه عنه، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة والأغر جميعًا، وأما يعقوب بن إبراهيم بن سعد فرواه عن أبيه فقال: (عن الأغر فقط)، وأما يونس بن محمد المؤدب شيخ الإمام أحمد فقد رواه عن إبراهيم، عن ابن شهاب، عن الأغر وأبي سلمة كليهما كرواية أبي كامل، فقول الإمام أحمد: (حدثناه يونس، عن الأغر وأبي سلمة)، يعني عن إبراهيم، عن ابن شهاب، عنهما.
وقال الإمام البخاري في صحيحه (الفتح 10/434): حدثنا عبدالله بن محمد، حدثنا عارم، حدثنا المعتمر بن سليمان، يحدث عن أبيه، قال: سمعت أبا تميمة يحدث عن أبى عثمان النهدي يحدثه أبو عثمان، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ...)، وعن على قال: حدثنا يحيى، حدثنا سليمان، عن أبى عثمان، قال التيمي: "فوقع في قلبي منه شيء ، قلت: حدثت به كذا وكذا، فلم أسمعه من أبى عثمان، فنظرت فوجدته عندي مكتوبًا فيما سمعت".
وقع في طبعة التأصيل (6/414)، (عن أبي عثمان، قال التيمي)، متصلاً بالكلام، فظُن أن أبا عثمان يرويه، عن التيمي، والذي في الصحيح أن قول البخاري: (عن علي قال: حدثنا يحيى، حدثنا سليمان، عن أبى عثمان)، ووقع في طبعة دار التراث (5/2236) هكذا (عن أبي عثمان: قال التيمي)، ووقع في طبعة دار المنهاج (8/8) هكذا (عن أبي عثمان قال التيمي)، والذي ينبغي أن يوقف على كلمة عثمان، ثم يبدأ سطر جديد، أو توضع نقاط بعد (عثمان ...) ثم يبدأ (قال التيمي)، ليبين أنه إسناد آخر للحديث ولكنه ساقه مختصرًا، وأن قوله (قال التيمي) كلام لا تعلق له بالسند الذي قبله، إنما ساقه البخاري ليبين أن التيمي قد سمع الحديث من أبي عثمان مباشرة.
وقال الإمام مسلم في الصحيح (3/142): حدثنا محمد بن أبى بكر المقدمي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن التيمي، ح وحدثناه محمد بن المثنى، حدثنا ابن مهدى، حدثنا شعبة، وقال ابن المثنى: حدثنا أبو عامر، حدثنا هشام، وقال ابن المثنى: حدثنا سالم بن نوح، حدثنا عمر -يعنى ابن عامر-، ح وحدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن سعيد، كلهم عن قتادة بهذا الإسناد".
وقال (8/72): حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير، حدثنا أبي ح، وحدثناه نصر بن علي الجهضمي، حدثنا أبو أسامة، قالا: حدثنا الأعمش حدثنا ابن نمير، عن أبي صالح -وفي حديث أبي أسامة- حدثنا أبو صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
هكذا وقع في طبعة دار المنهاج لصحيح مسلم، وكذلك طبعة دار التراث (2/2070)، وكذلك وقع في طبعة الريان مع شرح النووي (17/22)، وهو يوهم أن الأعمش يرويه عن ابن نمير، والذي كان ينبغي أن توضع نقطة بعد الأعمش، والمعنى أنه في رواية ابن نمير قال الأعمش: (حدثنا أبو صالح) لكنه وقع اختصار للسند أوهم هذا الأمر، وفي رواية أبي أسامة قال الأعمش: (عن أبي صالح).
السابع: بسبب تركيب الأسانيد:
قال البخاري في الصحيح (4/1650): "حدثنا إبراهيم، أخبرنا هشام، عن ابن جريج، سمعت عبدالله بن أبى مليكة، يحدث عن ابن عباس رضي الله عنها. قال: وسمعت أخاه أبا بكر بن أبى مليكة يحدث، عن عبيد بن عمير قال: قال عمر رضي الله عنه يومًا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (فيم ترون هذه الآية نزلت ...).
والمعنى أن ابن جريج يرويه عن عبدالله بن أبي مليكة، عن ابن عباس، ويرويه عن أخيه أبي بكر بن أبي مليكة، عن عبيد بن عمير.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
جزاكم الله خيرا دكتور عبد الله لكن جزئية يحيى بن أيوب لم تتضح لي وكلام النووي لا يشملها وأخشى أنه يوجد سقط او شيء من هذا
ردحذفلايوجد سقط وكلام النووي ينطبق تماما على المثال فتأمله غير مأمور
ردحذف