الثلاثاء، 5 نوفمبر 2019

بحث في الرواة الذين جاء ذكرهم في صحيح البخاري عرضاً بين المزي والحافظ ابن حجر رحمهم الله


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وزوجاته الطيبين الطاهرين.



وبعد:

فهذا بحث في الرواة الذين جاء ذكرهم في صحيح البخاري عرضاً بين المزي والحافظ ابن حجر رحمهم الله:



·       عبدالله بن مالك الجيشاني:

ذكره المزي في تهذيب الكمال (15/503) ورمز له بـ ( م قد ت س ق)، وقال: "روى له أبو داود في القدر، والباقون سوى البخاري".

وأما الحافظ ابن حجر فرمز له في التقريب (539) بـ (خ م قد ت س ق).

وقد ورد ذكره في صحيح البخاري فقال رحمه الله (1/396): حدثنا عبداللَّهِ بن يَزِيدَ، قال: حدثنا سَعِيدُ بن أبي أَيُّوبَ، قال: حدثني يَزِيدُ بن أبي حَبِيبٍ، قال سمعت مَرْثَدَ بن عبداللَّهِ الْيَزَنِيَّ، قال: أَتَيْتُ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ t، فقلت: ألا أُعْجِبُكَ من أبي تَمِيمٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فقال عُقْبَةُ t: (إِنَّا كنا نَفْعَلُهُ على عَهْدِ رسول اللَّهِ r)، قلت: فما يَمْنَعُكَ الْآنَ، قال: الشُّغْلُ).

وصنيع المزي هو اللائق، فعبدالله بن مالك لم يذكره في رجال البخاري الكلاباذي، ولا الباجي في التعديل والتجريح لمن خرج لهم البخاري في الجامع الصحيح.

ولم يرمز له الحسيني بعلامة البخاري في التذكرة له (2/916).

وكذلك الذهبي في الكاشف (1/591) فذكر رمز (م ت س ق).

وكذلك فعل سبط ابن العجمي في نهاية السول (4/1386)، فذكر الرموز السابقة ولم يذكر رمز البخاري.

وكذلك فعل الحافظ نفسه في تهذيب التهذيب (5/335)، فذكر الرموز السابقة، ولم يذكر رمز البخاري، وقال: "لم يعلم له المزي علامة البخاري، وقد أخرج له أثراً من رواية أبي الخير اليزني عنه، وهو في الصلاة".

وقال في الفتح (3/60): "ولم يذكر المزي في تهذيبه أن البخاري أخرج له، وهو على شرطه، فيرد عليه بهذا الحديث".

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقه على الفتح: "ليس الرد عليه بظاهر، لأن البخاري رحمه الله لم يخرج عن أبي تميم هنا خبراً مرفوعاً ولا موقوفاً، وإنما وقع ذكره في أثناء الرواية من غير احتجاج به، والله أعلم".



·       يزيد بن أبي كبشة السكسكي:

ذكره المزي في تهذيبه (32/228) ولم يرمز له بشيء، وقال: "له ذكر في كتاب الجهاد من صحيح البخاري".

وأما الحافظ في التقريب (1081) فرمز له بـ ( خ ).

قال الإمام البخاري (3/1092): "حدثنا مَطَرُ بن الْفَضْلِ، حدثنا يَزِيدُ بن هَارُونَ، حدثنا الْعَوَّامُ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ أبو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ، قال: سمعت أَبَا بُرْدَةَ وَاصْطَحَبَ هو وَيَزِيدُ بن أبي كَبْشَةَ في سَفَرٍ، فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ في السَّفَرِ، فقال له أبو بُرْدَةَ: سمعت أَبَا مُوسَى t مِرَارًا يقول: قال رسول اللَّهِ r: (إذا مَرِضَ الْعَبْدُ أو سَافَرَ كُتِبَ له مِثْلُ ما كان يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا)".

وابن أبي كبشة لم يذكره الكلاباذي في رجال البخاري، ولا الباجي في التعديل والتجريح لمن خرج لهم البخاري في الجامع الصحيح.

ولم يرمز له الحسيني في التذكرة (3/1918) بعلامة البخاري، وقال: "له ذكر في كتاب الجهاد من صحيح خ".

وكذا فعل الذهبي في السير (4/443).

وقال الحافظ في تهذيبه (11/309): "ليست له رواية عندهم، وإنما فيه ..." ثم ذكر قصته مع أبي بردة.

وقال في الإيثار له (193): "له ذكر في صحيح البخاري في قصة له مع أبي بردة بن أبي موسى".

هني مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكره المزي في تهذيبه (30/319)، وقال: "له ذكر في صحيح البخاري في حديث زيد بن أسلم، عن أبيه (أن عمر رضي الله عنه استعمل مولى له يدعى هنيًا على الحمى...).

ولم يرمز له بعلامة البخاري.

ورمز له الحافظ بـ (خ) في التقريب (1025)، وقال: "له ذكر في البخاري بلا رواية".

وهذا هو اللائق، فإن الراوي إذا جاء ذكره في صحيح البخاري عرضًا دون قصد الرواية، فإنه والحالة هذه لا يعد من رجال البخاري.

قال ابن القطان في بيان الوهم الإيهام (4/178): "وهذا إنما هو شيء علقه البخاري، ولم يوصل إسناده، وهو دائبًا يعلق في الأبواب من الأحاديث ما ليس من شرطه، ويكتب توصيل بعض ذلك الرواة عنه في حاشية الموضع، ولا يعد ذلك مما أخرج، ولذلك لم يعتقد أحد في المسعودي أنه من رجال كتاب البخاري، ولا ذكره فيهم أحد ممن ألف في ذلك، كالدارقطني، والحاكم، واللالكائي، والباجي وغيرهم".

وعلى هذا مشى الحافظ نفسه فقال في الفتح (2/598): "قوله (قال سفيان) هو ابن عيينة، وهو متصل بالإسناد الأول، ووهم من زعم أنه معلق كالمزي، حيث علم على المسعودي في التهذيب علامة التعليق، فإنه عند ابن ماجة من وجه آخر عن سفيان، عن المسعودي، وكذا قول ابن القطان: (لا ندري عمن أخذه البخاري، قال: ولهذا لا يعد أحد المسعودي في رجاله)، وقد تعقبه ابن المواق: (بأن الظاهر أنه أخذه عن عبدالله بن محمد شيخه فيه، ولا يلزم من كونهم لم يعدوا المسعودي في رجاله أن لا يكون وصل هذا الموضع عنه، لأنه لم يقصد الرواية عنه، وإنما ذكر الزيادة التي زادها استطراداً)، وهو كما قال".

 وقال (3/5): "وليس لعبدالكريم أبي أمية -وهو ابن أبي المخارق- في صحيح البخاري إلا هذا الموضع، ولم يقصد البخاري التخريج له، فلأجل ذلك لا يعدونه في رجاله، وإنما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة لذاتها ... وعلّم المزي على هؤلاء علامة التعليق وليس بجيد، لأن الرواية عنهم موصولة، إلا أن البخاري لم يقصد التخريج عنهم، ومن هنا يعلم أن قول المنذري (قد استشهد البخاري بعبد الكريم أبي أمية في كتاب التهجد) ليس بجيد، لأنه لم يستشهد به، إلا أن أراد بالاستشهاد مقابل الاحتجاج فله وجه".

وقال في تعجيل المنفعة (1/88): "حجاج بن يوسف الثقفي أمير العراق، قيل: (إن البخاري روى له حديثاً في كتاب الحج من حديث الأعمش عنه)، قلت: يشير إلى قول البخاري حدثنا مسدد ثنا عبدالواحد ثنا الأعمش ... فهذا لم يقصد البخاري التخريج للحجاج بن يوسف ولا الاقتداء به فيما زعم، بل سياقه مشعر بإرادة الرد عليه، ولم ينفرد به البخاري بل أخرجه مسلم وغيره أيضاً، وقد وقع من كلامه في الكتب الستة وفي مسند أحمد أشياء فلا اختصاص بنسبته للبخاري".

وقال في الفتح (3/581): " قوله (سمعت الحجاج) يعني ابن يوسف الأمير المشهور، ولم يقصد الأعمش الرواية عنه، فلم يكن بأهل لذلك، وإنما أراد أن يحكي القصة ويوضح خطأ الحجاج فيها بما ثبت عمن يرجع إليه في ذلك بخلاف الحجاج، وكان لا يرى إضافة السورة إلى الاسم فرد عليه إبراهيم النخعي بما رواه عن ابن مسعود t من الجواز".

 وقال الحافظ في الفتح (13/273): "وفي رواية الإسماعيلي من طريق بشر بن شعيب، عن أبيه، عن الزهري (فقال: الحر بن قيس قلت: يا أمير المؤمنين)، وهذا يقتضي أن يكون من رواية ابن عباس رضي الله عنهما، عن الحر t، وأنه ما حضر القصة بل حملها عن صاحبها وهو الحر، وعلى هذا فينبغي أن يترجم للحر في رجال البخاري، ولم أر من فعله".

والحر بن قيس t لم يذكره المزي في تهذيب الكمال، ولا الحافظ في التقريب، وذكره صاحب قرة العين في تلخيص رجال الصحيحين (53) ورمز له بـ (خ)، وليس له إلا مجرد ذكر فيه.

وقال في تهذيب التهذيب في ترجمة حبان بن عطية (2/159): "ثم إن ذكر هذا الرجل في رجال البخاري عجيب، فإنه ليست له رواية، فلو كان المزي يذكر كل من له ذكر ولا رواية له، ويلتزم ذلك لاستدركنا عليه طائفة كبيرة منهم، لم يذكرهم، ولكن موضع الكتاب للرواة فقط، ثم إن حبان بن عطية هذا لم يعرف من حاله بشيء، ولا عرفت فيه إلى الآن جرحًا ولا تعديلاً والله أعلم".

وهذا الراوي كما ترى ذكره المزي في تهذيب الكمال (5/338) ورمز له بـ (خ)، فناقض أصله فيه.

وقد فعلا ذلك على الصواب في هؤلاء الرواة:

الحارث بن هشام بن المغيرة

حمل بن مالك الهذلي

شداد بن معقل

هشام بن حكيم

فهؤلاء لهم ذكر دون رواية، فلذا لم يرمزا لهم بعلامة البخاري.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وزوجاته وسلم تسليمًا كثيرًا.



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق