الخميس، 7 نوفمبر 2019

ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء


بسم الله الرحمن الرخيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.



وبعد:

فهذا بحث في تخريج حديث (ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء)، فأقول مستعينًا بالله:

الحديث أخرجه: الطيالسي في المسند واللفظ له (4/331)، وأحمد في المسند عنه (14/360)، والبخاري في الأدب المفرد عن عمرو بن مرزوق (246)، والترمذي في السنن من طريق الطيالسي وطريق ابن مهدي (1001)، وابن ماجه في السنن من طريق الطيالسي (631)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة من طريق ابن مهدي (220)، والبزار في البحر الزخار من طريق الطيالسي (17/38)، والعقيلي في الضعفاء من طريق عمرو بن مرزوق (4/355)، وابن البختري من طريق الطيالسي (مجموع فيه مصنفاته 234)، وابن الأعرابي في المعجم من طريق عمرو بن مرزوق (3/1002)، وابن حبان في الصحيح من طريقه (3/151)، والطبراني في الدعاء (2/747)، وفي الأوسط من طريقه (3/73، و4/101)، وابن عدي في الكامل من طريقه أيضًا (6/163)، والحاكم في المستدرك من طريق الطيالسي وطريق عمرو بن مرزوق وطريق ابن مهدي (2/159)، والنقاش في فوائد العراقيين من طريق عمرو بن مرزوق (56)، والبيهقي في الشعب (2/364)، وفي الدعوات من طريق الطيالسي (1/67)، والشاموخي في أحاديثه من طريق عمرو بن مرزوق (35)، والقضاعي في مسند الشهاب من طريقه (2/214)، والبغوي في شرح السنة كذلك (5/188)، وابن عساكر في تاريخه من طريقه وطريق الطيالسي (17/39، و40)، والسبكي في معجم الشيوخ من طريقه (469)، كلهم عن عمران بن داور، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة t به. 

وفي لفظ ابن البختري (إنه ليس شي أكرم ..)، وفي لفظ ابن عساكر (...أكرم عليك من الدعاء).

وتابع عمران: أبان العطار، فرواه عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة t به.

أخرجه: القضاعي في مسند الشهاب (2/214)، قال: أنا أبو الحسن عبدالملك بن عبدالله بن محمود بن مسكين، أنا أبو بكر محمد بن يحيى بن عمار الدمياطي، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر، نا موسى بن هارون، نا بشار الخفاف، نا عبدالرحمن بن مهدي، عن أبان العطار به.

وخالف الرواة عن عمران: إبراهيم بن عبدالله الكشي، فرواه عن عمران، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة t به.

أخرجه: عبدالغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (31)، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبدالباقي بن أحمد بن سلمان البغدادي المعروف بابن البطي ببغداد، أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون المعدل، أنبأ أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزار، أنبأ أبو عمران عبدالملك بن الحسن بن الفضل السقطي، أنبأ إبراهيم، ثنا عمران به.

وتابع سعيد بن أبي الحسن: أبو صالح الحوزي، فرواه عن أبي هريرة t، عن النبي e قال: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء).

أخرجه: البخاري في التاريخ الكبير تعليقًا (2/355) فقال: حميد أبو المليح الفارسي المديني سمع أبا صالح، سمع أبا هريرة t فذكره.

الكلام على الروايات:

أولاً: الحديث صححه الحاكم، وقال الترمذي عنه كما في تحفة الأشراف (9/446): "غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من رواية عمران القطان".

وفي سنده عمران بن دَاوَر القطان، وهو متكلم فيه. قال عمرو بن على وعمرو بن مرزوق كما في الجرح والتعديل (6/297): "ذكر يحيى بن سعيد يومًا عمران القطان فأحسن عليه الثناء".

وقال ابن معين في سؤالات الدوري (4/157): "ليس بشيء".

وقال عبدالله في العلل (3/25): "سألت يحيى عن عمران القطان؟ فقال: ضعيف الحديث".

وقال: "قال أبي أرجو أن يكون صالح الحديث".

وقال الآجري في سؤالاته (1/418): "وسمعت أبا داود ذكر عمران القطان، فقال: ضعيف، أفتى في أيام إبراهيم بن عبدالله بن حسن بفتوى شديدة فيها سفك دماء".

وقال النسائي في الضعفاء (192): "ضعيف".

وقال الدارقطني في سؤالات الحاكم (461): "كان كثير الوهم والمخالفة".

وقال ابن عدي في الكامل (6/163): "وعمران القطان له أحاديث غير ما ذكرت عن قتادة، وعن غيره، وهو ممن يكتب حديثه".

وقال الحافظ في التقريب (750): "صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج".

وقد تفرد به. قاله الترمذي والبزار والعقيلي والطبراني وابن عدي والدارقطني (الغرائب والأفراد 5/201)، وحاله لا تحتمل أن ينفرد به عن قتادة.

ثانيًا: متابعة أبان العطار لعمران خطأ، فقد خالف بشار بن موسى الخفاف راويه عن ابن مهدي: محمد بن بشار، وابن معين، فقد روياه عن ابن مهدي، عن عمران القطان، وبشار الخفاف هو في نفسه ضعيف. قال ابن معين في سؤالات عثمان بن سعيد (81): "ليس بثقة".

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/417): "ضعيف".

وقال النسائي في الضعفاء (63): "ليس بثقة".

وقال الخليلي في الإرشاد (1/246): "فيه لين".

وقال (2/595): "ضعفه الحفاظ كلهم".

وقال ابن حبان في الثقات (8/153): "كان صاحب حديث يغرب".

وقال الحافظ في التقريب (167): "ضعيف كثير الغلط".

وشيخ القضاعي عبدالملك بن عبدالله ذكره الذهبي في السير (17/661) ولم يذكره بجرح ولا تعديل.

ثالثًا: سند المقدسي وقع فيه خطآن:

الأول: سقط منه عمرو بن مرزوق بين إبراهيم وبين عمران.

الثاني: زيادة زرارة بين قتادة وبين سعيد، وعلى الصواب أخرجه أبو سعيد النقاش عن عبدالملك بن الحسن بن فضل، عن إبراهيم بن عبدالله، عن عمرو بن مرزوق، عن عمران، عن قتادة، عن سعيد به، ولا أدري من الذي أخطأ فيه.

رابعًا: متابعة أبي صالح لسعيد بن أبي الحسن، لم أجدها إلا عند البخاري في التاريخ الكبير تعليقًا، وعنه نقله أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى له كما في معجم الشيوخ للسبكي (472).

وهي لا تصح من وجهين:

الوجه الأول: في سندها أبو صالح الخوزي مختلف فيه. قال ابن معين (الكامل 9/196): "ضعيف".

وقال أبو زرعة في الجرح والتعديل (9/393): "لا بأس به".

وقال الحاكم في المستدرك (2/160) عن حديث (من لا يدع..): "هذا حديث صحيح الإسناد، فإن أبا صالح الخوزي، وأبا المليح الفارسي لم يذكرا بالجرح، إنما هما في عداد المجهولين لقلة الحديث".

وقال الحافظ في التقريب (1161): "لين الحديث".

الوجه الثاني: أن المعروف بهذا السند هو حديث (من لا يدع الله يغضب عليه)، وفي رواية (من لا يسأل الله ..)، وكل من ترجم لأبي صالح الخوزي إنما يذكر له هذا الحديث فقط.

قال ابن ناصر الدين في المشتبه (2/527): "وأبو المليح راوي هذا الحديث مقل لا يعرف إلا بهذا الحديث في الدعاء".

أقول: ومما يؤيد هذا أن لفظ حديث عمران لا يعرف إلا من طريقه.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عمران القطان".

وقال البزار: "وهذا الكلام لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو هريرة رضي الله عنه، ولا نعلم له طريقًا إلا هذا الطريق".

وقال العقيلي: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا بهذا اللفظ عن عمران".

وقال ابن عدي: "وهذا الحديث لفظه كما ذكره لنا ابن الحباب، عن عمرو بن مرزوق، عن عمران، عن قتادة، ويعرف هذا الحديث بعمران القطان، عن قتادة".

خامسًا: لفظ ابن عساكر (ليس شيء أكرم عليك من الدعاء) خطأ، قال عنه ابن عساكر: "كذا قال، والمحفوظ (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)".
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وأصحابه وزوجاته وسلم تسليمًا كثيرًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق