بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
وبعد:
فهذه
تخريج حديث (إذا أمن الإمام فأمنوا ...)، وفيه (... غفر له ما تقدم من ذنبه وما
تأخر).
فأقول وبالله التوفيق:
قال
الجرجاني في الأمالي له (ق 127/ب): حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم، ثنا بحر بن
نصر بن سابق الخولاني بمصر، قال: قرئ على عبدالله بن وهب وأنا أسمع، أخبرك مالك بن
أنس ويونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبدالرحمن
أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أمن
الإمام فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، ومن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم
من ذنبه وما تأخر).
وخالف
الجرجاني في لفظه: محمد بن يعقوب الأصم، وابن الجارود، فروياه عن بحر بن نصر، عن
ابن وهب، عن مالك ويونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن
عبدالرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عيه وسلم يقول:
(إذا أمن الإمام فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمنه تأمين الملائكة غفر له
ما تقدم من ذنبه).
أخرجه:
يعقوب بن محمد الأصم في الموطأ (123)، وابن الجارود في المنتقى (1/273)، والبيهقي
في السنن الكبرى من طريق الأصم (2/56)، كلاهما عن بحر بن نصر به.
وتابعهما:
حرملة بن يحيى، وأحمد بن عمرو بن السرح، وهاشم بن القاسم الحراني، ويونس بن
عبدالأعلى، ومحمد بن عبدالله بن عبدالحكم، كلهم عن ابن وهب، عن مالك بن أنس ويونس
بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبدالرحمن أن أبا هريرة رضي
الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أمن القارئ فأمنوا،
فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
أخرجه:
مسلم في الصحيح عن حرملة (2/17)، وابن ماجه في السنن عن أحمد بن عمرو بن السرح
وهاشم بن القاسم الحراني (2/36)، وابن خزيمة في الصحيح عن يونس بن عبدالأعلى
(3/37)، وابن المنذر في الأوسط عن محمد بن عبدالله واللفظ له (3/130)، والجوهري في
مسند الموطأ من طريق يونس (142)، والدارقطني في العلل عن أبي بكر النيسابوري (8/89)،
وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم من طريق حرملة (2/33)، كلهم عن
ابن وهب به.
ولم
يذكر مسلم ولا ابن ماجه ولا ابن خزيمة ولا أبو نعيم مع يونس: مالكًا، ولم يذكر
الجوهري ولا الدارقطني مع مالك: يونس.
·
الكلام على الروايات:
أولاً:
المحفوظ عن بحر بن نصر هو لفظ الأصم وابن الجارود عنه، وأما لفظ الجرجاني بزيادة
(ما تأخر) في لفظ فشاذ.
قال
الحافظ في النكت (1/274): " قوله ع: (صحح المنذري
حديثًا في غفران ما تقدم وتأخر، والدمياطي حديثًا في ماء زمزم) فيه نظر؛ وذلك أن المنذري
أورد في الجزء المذكور عدة أحاديث بين ضعفها، وأورد في أثنائه حديثًا من طريق بحر بن
نصر، عن ابن وهب، عن مالك ويونس، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي
الله عنه، وقال بعده: (بحر بن نصر ثقة، وابن وهب ومن فوقهم محتج بهم في الصحيحين)،
قلت: ولا يلزم من كون رجال الإسناد من رجال الصحيح أن يكون الحديث الوارد به صحيحًا،
لاحتمال أن يكون فيه شذوذ أو علة، وقد وجد هذا الاحتمال هنا، فإنها رواية شاذة".
وقال
في الفتح (2/265): "وقع في أمالي الجرجاني عن أبي العباس الأصم، عن بحر بن
نصر، عن ابن وهب، عن يونس في آخر هذا الحديث (... وما تأخر ...)، وهي زيادة شاذة".
ثانيًا:
ظن محقق كتاب النكت أن المقصود بالحديث هو حديث (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، وإنما الحديث المعني بذلك هو حديث (تأمين الملائكة)
كما هو بين من طرقه.
ثالثًا:
قول المحقق غفر الله له في الحاشية (فعاد الحديث مرسلاً).
أقول:
لا دخل للإرسال في العلة المشار إليه في كلام الحافظ.
رابعًا:
قال المحقق في الحاشية عند التعريف بـ (سعيد): "يحتمل أن يكون سعيد بن المسيب...
ويحتمل أن يكون سعيد بن أبي سعيد المقبري".
أقول:
هو سعيد بن المسيب يقينًا كما هو ظاهر من الأسانيد هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى
فإن الرواة غالبًا ما يقرنوا بين سعيد بن المسيب وبين أبي سلمة في الأسانيد، وأخرج
البخاري جملة منها في صحيحه.
خامسًا:
قال الحافظ في الفتح (2/265): "إلا أني وجدته في بعض النسخ من ابن ماجه عن
هشام بن عمار وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن ابن عيينة بإثباتها، ولا يصح، لأن
أبا بكر قد رواها في مسنده ومصنفه بدونها، وكذلك حفاظ أصحاب ابن عيينة: الحميدي
وابن المديني وغيرهما".
والله
أعلم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق