بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه وأزواجه الطيبين
الطاهرين.
وبعد:
فهذا بحث في اختلاف
أقوال الناقد الواحد في الراوي، فأقول وبالله التوفيق:
يحمل اختلاف أقوال الناقد الواحد في الراوي على
أحوال ثلاث:
الحالة
الأولى: الجمع:
وهذا له حالات:
· أن يكون محمول على تغير رأيه:
قال عباس الدوري في تاريخه (4/272) في ثواب
بن عتبة: "سمعت يحيى يقول: شيخ صدق، فإن كنت كتبت عن أبي زكريا فيه شيئًا أنه
ضعيف، فقد رجع أبو زكريا، وهذا هو القول الأخير من قوله".
وقال ابن محرز في معرفة الرجال (1/74):
"وسمعت يحيى وسئل عن داود بن عمرو الضبي؟ فقال: لا أعرفه، من أين هذا؟ قلت: ينزل
المدينة، قال: مدينتنا هذه أو مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قلت: مدينة أبى جعفر،
قال: عمن يحدث؟ قلت: عن منصور بن الأسود، وصالح بن عمر، ونافع بن عمر، فقال: هذا شيخ
كبير، من أين هو؟ قلت: من آل المسيب، فقال: قد كان لهؤلاء نفسين متقشفين، أحدهما: يتصدق،
والآخر يبيع القصب، لا أعرفه، أما لهذا أحد يعرفه؟ قلت: بلى، بلغني عن سعدويه أنه سئل
عنه؟ فقال: ذاك المشؤوم ما حدث بعد وعرفه، فقال: سعدويه أعرف بمن كان يطلب الحديث معه
منا، ثم بلغني عن يحيى بن معين بعد أو سمعته وسئل عنه؟ فقال: لا بأس به،
وبلغني أن يحيى سأل سعدويه عنه فحمده".
وقال المزي في تهذيب الكمال (8/425): "وقال عبدالخالق بن منصور سألت يحيى بن معين عن داود بن عمرو المديني؟ فقال:
ليس به بأس".
وقال المنذري في جوابه على أسئلة في الجرح
والتعديل (86): "وأما ما نقل عن يحيى بن معين من توثيق شجاع مرة، وتوهينه
أخرى، فهذان قولان في زمانين بلا شك، ولا يعلم السابق منهما، ويحتمل أنه وثقه ثم
وقف على شيء من حاله بعد ذلك يسوغ له الإقدام على ما قاله، ويحتمل أن يكون تكلم
فيه أولاً، ثم وقف من حاله بعد ذلك على ما اقتضى توثيقه".
· أن يكون التضعيف أو التوثيق نسبيًا:
قال أبو الوليد الباجي في التعديل والتجريح
(1/283): "واعلم أنه قد يقول المعدل: (فلان ثقة) ولا يريد به أنه ممن يحتج
بحديثه، ويقول: (فلان لا بأس به) ويريد أنه يحتج بحديثه، وإنما ذلك على حسب ما هو
فيه ووجه السؤال له، فقد يسأل عن الرجل الفاضل في دينه المتوسط حديثه، فيقرن
بالضعفاء فيقال: ما تقول في فلان وفلان؟ فيقول: (فلان ثقة)، يريد أنه ليس من نمط
من قرن به، وأنه ثقة بالإضافة إلى غيره، وقد يسأل عنه على غير هذا الوجه فيقول: (لا
بأس به)، فإذا قيل: أهو ثقة؟ قال: (الثقة غير هذا).
قال عثمان الدارمي في تاريخه (173):
"سألته عن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه؟ كيف حديثهما؟ فقال: ليس به
بأس".
وقال (174): قلت: هو أحب إليك أو سعيد
المقبري؟ فقال: سعيد أوثق، والعلاء ضعيف".
قال الحافظ في التهذيب (8/166): "يعني
بالنسبة إليه، يعني: كأنه لما قال أوثق خشي أنه يظن أنه يشاركه في هذه الصفة، وقال:
إنه ضعيف".
قال المفضل بن غسان الغلابي (تاريخ بغداد
2/31): "قال يحيى بن معين: ابن إسحاق ثبت في الحديث".
وقال يعقوب بن شيبة (السابق): "سألت
يحيى بن معين عنه؟ فقلت: في نفسي من صدقه شيء؟ فقال: لا، هو صدوق".
وقال الميموني (السابق): "سمعت يحيى بن
معين يقول: محمد بن إسحاق ضعيف".
وقال أحمد بن زهير (السابق 2/32):
"سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ليس به بأس، قال: وسئل يحيى بن معين
عنه مرة أخرى فقال: ليس بذاك، ضعيف، قال: وسمعت يحيى بن معين يقول مرة أخرى: محمد
بن إسحاق عندي سقيم ليس بالقوي".
وقال الدوري في تاريخه (3/225): "سمعت
يحيى يقول: محمد بن إسحاق ثقة، ولكنه ليس بحجة".
وقال أبو زرعة في تاريخه (1/75): "قلت ليحيى
بن معين -وذكرت له الحجة- فقلت له: محمد بن إسحاق منهم؟ فقال: كان ثقة، إنما الحجة
عبيدالله بن عمر، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز".
وقال الحافظ ابن حجر في أبي بلج في بذل
الماعون في فضل الطاعون (117): "وقد وثقه يحيى بن معين ... ونقل ابن الجوزي
عن ابن معين أنه ضعفه، فإن ثبت ذلك، فقد يكون سئل عنه وعن من هو فوقه فضعفه
بالنسبة إليه، وهذه قاعدة جليلة فيمن اختلف النقل عن ابن معين فيه، نبه عليها أبو
الوليد الباجي في كتابه رجال البخاري، ويحتمل أن ابن معين ضعفه من قبل رأيه، فإنه
منسوب إلى التشيع".
وما نقله الحافظ عن ابن الجوزي لم أقف عليه
في الضعفاء له (2/196).
قال الذهبي في السير (6/117): "روى
المفضل بن غسان عن يحيى بن معين قال: (موسى بن عقبة ثقة، يقولون: روايته عن نافع
فيها شيء، وسمعت ابن معين يضعف موسى بعض الضعف)، قلت: قد روى عباس الدوري وجماعة
عن يحيى توثيقه، فليحمل هذا التضعيف على معنى أنه ليس هو في القوة عن نافع كمالك،
ولا عبيدالله، وكذلك روى إبراهيم بن عبدالله بن الجنيد عن يحيى بن معين قال: (ليس
موسى بن عقبة في نافع مثل عبيدالله بن عمر ومالك)، قلت: احتج الشيخان بموسى بن
عقبة، عن نافع، ولله الحمد، قلنا ثقة وأوثق منه، فهذا من هذا الضرب".
· أن يكون مقيدًا أما بوقت من
الأوقات، أو بحال من الأحوال.
قال المنذري في جوابه على أسئلة في الجرح
والتعديل (86): "وقد نقل مثل هذا عن يحيى بن معين في غير شجاع بن الوليد من
الرواة، ونقل مثله أيضًا عن غير يحيى بن معين من الحفاظ في حق بعض الرواة، وكل هذا
محمول على اختلاف الأحوال".
قال أبو بكر المروذي في علل الحديث ومعرفة
الرجال (93): "سألته عن إبراهيم بن الحكم بن أبان؟ فقال: ليس به بأس، قد كتبت
عنه وأقمت عليه أيامًا".
وقال عبدالله في العلل ومعرفة الرجال (3/10):
"سألت أبي عن إبراهيم بن الحكم؟ فقال: وقت ما رأيناه لم يكن به بأس، ثم
قال: أظنه قال: كان حديثه يزيد بعدنا، ولم يحمده".
وقال العقيلي في الضعفاء (1/163): "حدثنا
محمد بن موسى النَّهْرُتيري، قال سمعت أحمد بن حنبل سئل عن إبراهيم بن الحكم بن
أبان؟ فقال: ما أدري خلط".
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/94):
"أنا ابن أبى طاهر فيما كتب إلي، قال: نا الأثرم، قال: سمعت أبا عبدالله
يقول: في سبيل الله دراهم أنفقناها في الذهاب إلى عدن إلى إبراهيم بن الحكم".
وقال العقيلي في الضعفاء (1/164): "حدثنا
عبدالله بن أحمد، قال: سألت أبي عن إبراهيم بن الحكم بن أبان؟ فقال: ليس بشيء، ليس
بثقة".
هكذا وقع في الضعفاء للعقيلي، والذي في
العلل لعبدالله (3/10): "سألت يحيى عن إبراهيم بن الحكم بن أبان؟ فقال: ليس
بشيء، ليس بثقة".
وقال ابن عدي في الكامل (1/393): "حدثنا
ابن حماد، حدثني عبدالله بن أحمد، قال: سألت يحيى بن معين عن إبراهيم بن الحكم بن
أبان؟ فقال: ليس بشيء، ليس بثقة".
وكذا وقع في تهذيب الكمال (2/74)، وهو
الصواب، ولعل العقيلي رحمه الله انتقل بصره فظن أن الكلام كله للإمام أحمد، والله
أعلم.
وقال ابن شاهين في المختلف فيهم (21):
"قال محمد بن عبدالله بن عمار الموصلي: أسد بن عمرو البجلي صاحب رأي لا بأس
به".
قال الحافظ في اللسان (1/384): "وقد
جاء عن ابن عمار أيضًا أنه قال: (أسد بن عمرو صاحب رأي ضعيف الحديث) فيمكن الجمع
بين كلاميه: بأنه أراد بقوله (لا بأس به) أنه لا يتعمد، وإنه تغير
لما ضعف بصره فضعف حفظه".
·
أن يكون التلميذ أو من دونه أخطأ فنقل كلام
الناقد في راوٍ وهو يريد راو أخر.
فمن الرواة: المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث
بن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي المخزومي المدني.
وفيهم: المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث بن
هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر المخزومي القرشي، وكان شاميًا نزل المدينة.
وفيهم: المغيرة بن عبدالرحمن بن عبدالله بن
خالد بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي القرشي الأسدي الحزامي المدني،
صاحب أبي الزناد.
وثق ابن معين الأول، ولم يعرف الثاني، وضعف
الثالث.
قال الدوري في تاريخه (2/202) عن ابن معين:
"المغيرة بن عبدالرحمن المخزومي: ثقة".
وقال معاوية بن صالح الأشعري في تسمية تابعي
أهل المدينة ومحدثيهم (تاريخ دمشق 60/71): "المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث
بن هشام لم يعرفه يحيى بن معين".
وهذا وهم من الدوري حيث نقل توثيق ابن معين في
ابن هشام، وابن معين لم يعرفه كما في قول معاوية بن صالح.
قال أبو عبيد الآجري (تهذيب الكمال 28/389):
"سألت أبا داود عن المغيرة بن عبدالرحمن الحزامي؟ فقال: رجل صالح، كان ينزل
عسقلان، حدث عنه ابن مهدي". قال: "وسألت أبا داود عن المغيرة بن عبدالرحمن
المخزومي؟ فقال: ضعيف، فقلت له: إن عباسًا حكى عن يحيى أنه ضعف الحزامي، ووثق
المخزومي؟! فقال: غلط عباس".
يعني في توثيق المعيرة بن عبدالرحمن بن
الحارث بن هشام المخزومي.
ومما يدل على أن ابن معين إنما وثق ابن عياش
ما جاء في معرفة الرجال لابن محرز (1/81): "سألت يحيى عن المغيرة بن
عبدالرحمن المدني المخزومي؟ فقال: ليس به بأس، ليس صاحب أبي الزناد".
وصاحب أبي الزناد هو الحزامي.
قال عنه ابن معين في سؤالات الدوري (3/202):
"المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي صاحب أبى الزناد ليس بشيء، والمغيرة بن عبدالرحمن
المخزومي ثقة".
وقال في سؤالات ابن محرز (1/71): "المغيرة
بن عبدالرحمن بن الحارث - كذا فيه- الحزامي؟ قال: ضعيف".
ثم إن ابن أبي حاتم وهم أيضًا في ذلك فنقل توثيق
ابن معين في ابن عياش في ترجمة المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي.
فقال في الجرح والتعديل (8/225): "قرئ
على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: مغيرة بن عبدالرحمن المخزومي
ثقة".
وتابعه ابن عساكر على ذلك في تاريخ دمشق (60/73)،
وإنما الذي وثقه ابن معين هو ابن عياش المخزومي، وليس ابن هشام.
قال المزي في تهذيب الكمال (28/368) في
ترجمة المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن
مخزوم القرشي: "وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: معاوية بن صالح الأشعري في
تسمية تابعي أهل المدينة ومحدثيهم المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام لم
يعرفه يحيى بن معين، وقال: عبدالرحمن بن أبي حاتم قرئ على الدوري عن يحيى بن معين
أنه قال: (مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ثقة) هكذا ذكره ابن أبي حاتم في هذه
الترجمة، وتبعه على ذلك أبو القاسم ووهما في ذلك، إنما الذي وثقه عباس الدوري عن
يحيى بن معين: المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي".
أقول: لا يستقيم اعتراض المزي على ابن أبي
حاتم حتى يثبت أن الدوري نقل توثيق ابن معين في ابن عياش، فيكون نقْل ابن أبي حاتم
كلام ابن معين في ترجمة ابن هشام خطأ منه، أما إن كان ما قاله أبو داود صوابًا
فيكون الخطأ من الدوري، ولا يلحق ابن أبي حاتم عتب فيما صنع.
لذا اعترض على المزي مغلطاي فقال في إكماله
(11/329) فقال: "وفي قول المزي ... نظر، وذلك أن عباسًا حكى عن يحيى توثيق
المخزومي وكلاهما مخزومي، وحكى ضعف الحزامي، وهذان الأمران مشهوران عن ابن معين
حكاهما عنه أيضًا المفضل بن غسان الغلابي وأبو بكر بن أبي خيثمة، وفهم ابن أبي
حاتم ومن تابعه يعضد ذلك، ولا يصرف إلى أحد الرجلين إلا بدليل واضح، وهو النص من
قائله".
ثم قال: "وقول أبي داود لم يعضد بدليل
إنما أحاله على التفرد، ولو رأى من تابع عباسًا لتوقف عن ذلك، وقول معاوية (لم
يعرفه يحيى) ليس دليلاً واضحًا، لأن الشخص لا يعرف الآخر ثم يسأل عنه، أو يبحث عن
أمره فيعرفه، وليحيى من هذا الكثير، والله تعالى أعلم".
الجواب عن تعقب مغلطاي للمزي:
أولاً: أن يقال إن إعمال أقوال ابن معين
الثلاثة المنقولة عنه في الرواة الثلاثة: ابن هشام وابن عياش والحزامي فيكون لم
يعرف الأول، ووثق الثاني، وضعف الثالث أولى من أن يوهم أحد ابن معين في جعله
الراويين واحدًا، أو أن يجعل قولي ابن معين في راو واحد.
ثانيًا: أن ابن معين إذا لم تكن له خبرة
كافية عن الراوي قال فيه: "لا أعرفه".
قال الدرامي في تاريخه (86): "قلت:
والجراح بن مليح البَهْراني الحمصي؟ فقال: لا أعرفه".
قال ابن عدي في الكامل (2/410): "وقول
يحيى بن معين (لا أعرفه) كان يحيى إذا لم يكن له علم، ومعرفة بأخبار الشخص
ورواياته يقول: (لا أعرفه)، والجراح بن مليح هو مشهور في أهل الشام، وهو لا بأس به
وبرواياته، وله أحاديث صالحة جياد ونسخ".
وقال الدارمي في تاريخه (194): "وسألته
عن قدامة بن محمد بن قدامة بن خشرم؟ فقال: لا أعرفه".
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/129):
"يعنى: لا يخبره".
وقال الدرامي في سؤالاته (119):
"وسألته عن سفيان بن عقبة؟ فقال: لا أعرفه".
قال ابن عدي في الكامل (9/194): "وقول يحيى بن معين (لا أعرفه) إنما يعني: أنه لم يره، ولم يكتب عنه فلم
يخبر أمره".
والأئمة إذا لم يخبروا حديث الراوي لم
يعرفوه فلم يتكلموا فيه.
قال ابن عدي في الكامل (4/250) في ترجمة
سليمان بن أبي كريمة: "ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا، وقد تكلموا فيمن هو أمثل
منه بكثير، ولم يتكلموا في سليمان هذا لأنهم لم يخبروا حديثه".
ثالثًا: أن قلت حديث الراوي ربما تحول دون معرفة
ابن معين له، لذا يقول فيه: (لا أعرفه).
قال الدارمي في تاريخه (101): "قلت:
فحاتم بن حريث الطائي كيف هو؟ فقال: لا أعرفه. قال أبو سعيد: شامي ثقة".
قال ابن عدي في الكامل (3/371): "وحاتم
بن حريث قد روى غير حديث فتكلم فيه حسب ما تبين أنه ثقة أو غير ثقة، ولعزة حديثه
لم يعرفه يحيى، وأرجو أنه لا بأس به".
وقال الدرامي في تاريخه (247): "قلت:
فأبو سلمة مولى بني ليث من هو؟ فقال: لا أعرفه".
قال ابن عدي في الكامل (9/194): "وأبو
سلمة لا يذكر إلا في حديث واحد فكيف يعرفه ابن معين؟".
وقال ابن أبي حاتم في ترجمة سعيد بن سلمة في
الجرح والتعديل (4/29): "سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين عن سعيد بن سلمة المديني؟
فلم يعرفه، فلم يعرفه يعنى فلم يعرفه حق معرفته".
وابن هشام كان قليل الحديث. قاله الواقدي
كما في تاريخ دمشق (60/70).
قال المعلمي في التنكيل (1/62): "ليستثبت أن تلك الكلمة قيلت
في صاحب الترجمة، فإن الأسماء تتشابه، وقد يقول المحدث كلمة في راو فيظنها السامع في
آخر، ويحكيها كذلك، وقد يحكيها السامع فيمن قيلت فيه ويخطئ بعض من بعده فيحملها على
آخر، ففي الرواة المغيرة بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، والمغيرة بن عبدالرحمن
بن عبدالله بن خالد بن حزام الحزامي، والمغيرة بن عبدالرحمن بن عوف -هكذا في التنكيل- الأسدي، حكى عباس الدوري عن يحيى
بن معين توثيق الأول، وتضعيف الثالث، فحكى ابن أبي حاتم عن الدوري عن ابن معين توثيق
الثاني ووهمه المزي، ووثق أبو داود الثالث وضعف الأول، فذكرت له حكاية الدوري عن ابن
معين فقال: غلط عباس".
· أن يكون الناقد نسي كلامه
الأول:
قال الدوري في تاريخه (4/205): "سمعت
يحيى يقول: محمد بن ثابت العبدي ليس بشيء".
وقال في رواية الدقاق (85): "ضعيف، روى
حديث التيمم".
وقال ابن محرز في معرفة الرجال (1/72):
وسألت يحيى عن محمد بن ثابت؟ وقلت له: حدثنا عنه ابن الحماني فقال: ليس بذاك
القوي، حدث بحديث عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما في التيمم".
وقال الدرامي في تاريخه (216): "قلت:
محمد بن ثابت العبدي؟ فقال: ليس به بأس".
وقال العقيلي في
الضعفاء (5/214): "حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى
قال: محمد بن ثابت العبدي ليس به بأس، ينكر عليه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (في
التيمم) لا غير".
وقال الدوري في
تاريخه (4/310): "سمعت يحيى يقول محمد بن ثابت الذي يحدث عن نافع، عن ابن عمر
رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم (في التيمم) بصري، وهو ضعيف، قلت
ليحيى: أليس قلت مرة: ليس به بأس! قال: ما قلت هذا قط".
والراجح في أمره عند ابن معين أنه ضعيف، لذا
لم ينقل عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/216) ألا قوله فيه (ليس بشيء).
· أن يكون سبب الاختلاف
أن الناقد لم يعرف الراوي لأن التلميذ نسبه له بما لم يعرفه به عند سؤاله عنه:
قال الدارمي في تاريخه (172): "قلت:
فعبدالأعلى الزهري، عن زياد بن عِلاقة تعرفه؟ فقال: لا أعرفه".
قال ابن عدي في الكامل (6/547): "ثنا
أحمد بن علي بن بحر، قال: ثنا عبدالله الدورقي، قال يحيى بن معين: (وعبدالأعلى بن
أبي المساور ليس بثقة وهو الجرار)، ثنا ابن حماد، ثنا العباس، عن يحيى بن معين قال:
(عبدالأعلى بن أبي المساور الجرار ليس بشيء)، حدثنا محمد بن علي، ثنا عثمان قال:
قلت ليحيى بن معين: (فعبدالأعلى الزهري، عن زياد بن علاقة تعرفه؟ فقال: لا أعرفه)،
وهذا الذي قال ابن معين (لا أعرفه) هو عبدالأعلى بن أبي المساور، وقد تقدم كلامه
فيه ومعرفته به".
فلما نسبه الدارمي (زهريًا) عند سؤال ابن
معين لم يعرفه، وهو مولى بني زهرة.
قال الخطيب في تاريخه (12/346): "عبدالأعلى
بن أبي المساور أبو مسعود الجرار مولى بني زهرة".
وقال عبدالله بن محمد (تاريخ دمشق 40/76): "عبدالأعلى
بن أبي المساور هو: عبدالأعلى الزهري، وهو: عبدالأعلى الكوفي، وهو أبو مسعود
الجرار، روى عن الشعبي، وعن عكرمة، وفي حديثه لين".
· أن يكون خطأ وقع في المصادر المتأخرة
التي نقلت كلام الناقد:
قال المزي في تهذيب الكمال في ترجمة سفيان بن عقبة (11/175): "قال عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين: "لا بأس به".
والذي وقع في تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي
(119): "وسألته عن سفيان بن عقبة؟ فقال: لا أعرفه".
وكذا وقع في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم
(4/230): "أنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إلي قال: نا عثمان بن سعيد قال: سألت
يحيى بن معين عن سفيان بن عقبة؟ فقال: لا أعرفه".
وقال ابن عدي في الكامل (4/474): "ثنا
محمد بن علي، ثنا عثمان قال: سألت يحيى عن سفيان بن عقبة؟ فقال: لا أعرفه".
قال الحافظ في التهذيب (4/103): "قال عثمان الدارمي عن ابن معين: (لا بأس به)، قلت: والذي في سؤالات عثمان
الدارمي عن ابن معين: سألت يحيى عنه؟ فقال: (لا أعرفه)، وكذا نقله ابن أبي حاتم في
الجرح والتعديل، وابن عدي في الكامل عن عثمان".
وقال الحافظ في ترجمة عبدالرحمن بن آدم (6/122):
"وقال عثمان الدارمي: عن ابن معين (لا بأس به) حكاه ابن أبي حاتم، وقال ابن عدي: ثنا محمد بن علي، ثنا عثمان بن سعيد: سألت ابن
معين عن عبدالرحمن بن آدم؟ فقال: (لا أعرفه) فأما أن يكون آخر، أولم يستحضره عند
سؤال عثمان".
كذا وقع عند ابن حجر في تهذيبه، وجاء في
الجرح والتعديل (5/209): "أنا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب إلي قال: أنا
عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن معين: عبدالرحمن بن آدم كيف هو؟ فقال: لا أعرفه".
وكذا وقع في تاريخ الدارمي (167).
فبان أنه وقع تصحيف في نسخة الحافظ من الجرح
والتعديل، أو في النسخة التي نقل منها قول ابن أبي حاتم.
وقال ابن الجوزي في الضعفاء (1/42): "إبراهيم
بن العلاء أبو هارون الغنوي،
قال شعبة: لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أقول حدثني أبو هارون الغنوي".
قال الذهبي في الميزان (1/172): "إبراهيم
بن العلاء أبو هارون الغنوي، عن حطان الرقاشي، وثقة جماعة، ووهاه شعبة فيما قيل
ولم يصح، بل صح أنه حدث عنه".
وقال الحافظ في اللسان (1/83): "وأما
قول المؤلف (ووهاه شعبة فيما قيل) فأجاد في تمريض هذا القول، ولا أصل لذلك عن شعبة،
وإنما قال ابن الجوزي في الضعفاء له: (قال شعبة: لإن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن
أقول حدثنا أبو هارون الغنوي) كذا نقل ابن الجوزي، وهذا خطأ نشأ عن تصحيف، وإنما
هو أبو هارون العبدي، وهو عمارة بن جوين مجمع على ضعفه".
· أن يكون الاختلاف وقع
بسبب التصحيف في نقل الكلام.
قال البخاري في
التاريخ الأوسط (المطبوع باسم التاريخ الصغير) تحقيق محمد إبراهيم زايد طبع دار
المعرفة في ترجمة عبدالله بن لهيعة (2/189): "قال الحميدي عن يحيى بن سعيد:
كان لا يرى به بأسًا".
وفي طبعة الرشد تحقيق
الثمالي وسماه التاريخ الأوسط (4/706): "قال الحميدي: عن يحيى بن سعيد: كان
لا يراه شيئًا".
قال المحقق في الحاشية:
"وقع في الأصل لا يرى به بأسًا".
وهو تصحيف، صوابه (لا يراه شيئًا)، وهو الذي
وقع في المصادر الآخرى للبخاري، وكذا التي نقلت عنه.
فقال في التاريخ الكبير (5/182): "قال
الحميدي عن يحيى بن سعيد: كان لا يراه شيئًا".
وقال في الضعفاء الصغير (135): "ثنا الحميدي
عن يحيى بن سعيد أنه: كان لا يراه شيئًا".
وقال ابن عدي في الكامل (5/238): "ثنا
الجنيدي، ثنا البخاري ... قال لنا الحميدي: عن يحيى بن سعيد قال: كان لا يراه شيئًا".
وقال العقيلي في الضعفاء (3/309): "حدثني
آدم بن موسى قال: سمعت البخاري ... قال الحميدي عن يحيى بن سعيد: كان لا يراه شيئًا".
وقال الحافظ في ترجمة هشام بن يوسف السلمي
الحمصي في تهذيب التهذيب (11/52): "قال
عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة".
هكذا وقع في تهذيب التهذيب، والذي في تاريخ
الدارمي (244): "سألت يحيى قلت: سفيان بن حسين عن هشام بن يوسف من هشام هذا؟
فقال: لا أعرفه".
وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/91):
" أنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إلي قال: نا
عثمان بن سعيد قال: سألت يحيى بن معين قلت: سفيان بن حسين، عن هشام بن يوسف من
هشام هذا؟ قال: لا أعرفه".
وقال المزي في التهذيب (30/269): "قال
عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين قلت: سفيان بن حسين عن هشام بن يوسف من
هشام؟ قال: لا أعرفه".
· أن يكون صاحب المصدر
نقل كلام الناقد في راو وإنما قاله في راو أخر:
قال المزي في تهذيب الكمال في ترجمة داود بن عبدالله الأودي (8/411): "وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة، وقال عباس الدوري عن يحيى: ليس
بشيء".
وقال الذهبي في الميزان (2/10): "وروى
الكوسج عن يحيى: ثقة، وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء، فيحرر هذا، لأن هذا في ابن
يزيد".
قال العراقي في الذيل (224):
"قد حررته فلم أجد أحدًا أصلاً تكلم في داود بن عبدالله، وإنما الذي نقله
عباس عن ابن معين في داود بن يزيد، قال عباس في تاريخه عن ابن معين: (داود الأودي
الذي روى عنه الحسن بن أبي صالح وأبو عوانة ثقة)، ثم قال: (داود بن يزيد ليس حديثه
بشيء، وهو جد عبدالله بن إدريس) هذا لفظه بحروفه، فينبغي أن يسقط من الميزان ذكر
داود بن عبدالله، فإنه لم يتكلم فيه أحد بجرح فيما يعلم، والله أعلم".
·
أن يكون أحد القولين لا يصح عن الناقد:
قال الخطيب في تاريخه (7/156): "أنبأنا
أحمد بن محمد بن عبدالله الكاتب، قال: أخبرنا أبو مسلم بن مهران، قال: أخبرني محمد
بن زكريا الشروطي بنسف، قال: حدثنا يحيى بن بدر ... وقال يحيى بن معين: "إبراهيم
بن هدبة هو الفارسي أبو هدبة لا بأس به ثقة، قلت: المحفوظ عن يحيى وغيره ضد هذا القول".
قال الذهبي في
الميزان (1/72): "وكذلك لا يفرح عاقل بما جاء بإسناد مظلم عن يحيى بن بدر قال:
قال يحيى بن معين: (أبو هدبة لا بأس به ثقة)، فهذا القول باطل، فقد قال إبراهيم بن
عبدالله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين وسئل عن أبى هدبة؟ فقال: قدم علينا هاهنا، وكتبنا
عنه عن أنس رضي الله عنه، ثم تبين لنا أنه كذاب خبيث".
وأظن أن الذهبي قصد
بقوله (بإسناد مظلم) محمد بن زكريا الشروطي، فإن باقي رجال السند كلهم ثقات،
والشروطي إن لم يكن هو الغلابي فلم أعرفه، والغلابي قد اتهمه الدارقطني بوضع
الحديث.
1-
الحالة الثانية: الترجيح
:
· إما لكثرة الناقلين لأحد القولين.
قال الخطيب في تاريخه (12/347): "أخبرنا
الصَّيْمري، حدثنا الحسين بن هارون الضبي، أخبرنا محمد بن عمر الحافظ، حدثنا إسحاق
بن موسى الرملي، حدثنا أبو داود، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: (قدم أبو مسعود
الجرار، وهو عبدالأعلى، فنزل في المخرم، فكتبوا عنه ولم ندركه نحن، كان عنده عن
الشعبي، ونافع، وغيرهما، قلت: كيف هو؟ قال: أرجو أن يكون صالحًا)، روى غير واحد عن
يحيى بن معين الطعن عليه، وسوء القول فيه، أخبرني السكري، أخبرنا محمد بن عبد الله
الشافعي، حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر، حدثنا ابن الغلابي، قال: سألت يحيى عن شيخ
حدثنا عنه يزيد بن هارون يقال له: عبدالأعلى بن أبي المساور حدث عن حماد؟ فقال:
ليس بثقة.
أخبرنا الجوهري، أخبرنا محمد بن العباس،
حدثنا محمد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبدالله بن الجنيد، قال: سمعت
يحيى بن معين يقول: عبدالأعلى بن أبي مساور أبو مسعود الجرار ليس بشيء كذاب.
أخبرنا عبيدالله بن عمر الواعظ، حدثنا أبي،
حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا العباس بن محمد، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبدالأعلى
بن أبي المساور ليس بشيء".
قال عبدالله الدورقي (الكامل 6/547): "قال
يحيى بن معين: "وعبدالأعلى بن أبي المساور ليس بثقة، وهو الجرار".
· أن يكون أحد أقواله موافقًا لأقرانه.
قال ابن أبي حاتم (2/38) : "ونظرنا في
اختلاف أقوال الأئمة في المسؤلين عنهم، فحذفنا تناقض قول كل واحد منهم، وألحقنا
بكل مسؤول عنه ما لاق به، والأشبه من جوابهم".
وقال في ترجمة مبارك بن فضالة (8/339) : "اختلفت
الرواية عن يحيى بن معين في مبارك بن فضالة والربيع بن صبيح، وأولاهما أن يكون
مقبولاً منهما محفوظًا عن يحيى ما وافق أحمد وسائر نظرائه".
وقال أبو حفص ابن شاهين (ص71) : "وهذا
الكلام من يحيى في النهاس قد أعانه في أحد قوليه محمد بن أبي عدي، وهو أقدم من
يحيى بن معين، فإذا كان معه في أحد قوليه غيره كان القول قوله في الذي أعانه عليه".
الحالة الثالثة:
التوقف:
فإن تعذر الجمع والترجيح توقف في ذلك فليس
بأحد قوليه أولى بالقبول من القول الآخر.
قال الدارمي في تاريخه (75): "قلت: عن
أبي رجاء الخراساني من هو؟ فقال: ثقة، قال لنا أبو سعيد: هو عبدالله بن واقد
الهروي".
وقال الدوري في تاريخه (3/375 ): "سمعت
يحيى يقول: "وأبو رجاء الذي يروى عنه محمد بن كثير الذي بالمصيصة اسمه: عبدالله
بن واقد أبو رجاء الهروي".
وقال (4/366): "سمعت يحيى يقول: أبو
رجاء الخراساني هو: عبدالله بن واقد الهروي، يروى عنه محمد بن كثير الذي ينزل
بالثغر".
وقال في (4/374): "سمعت يحيى يقول أبو
رجاء الذي يروى عنه محمد بن كثير هو عبد الله بن واقد أبو رجاء الخراساني".
وقال في (4/91): "وعبدالله بن واقد،
يحدث عن قتادة، ليس بشيء".
وقال العقيلي في ترجمة عبدالله بن واقد في
الضعفاء (3/352): "عبدالله بن واقد، عن أبى الزبير وقتادة، حدثني محمد بن
عيسى، قال: حدثنا العباس بن محمد قال: سمعت يحيى قال: عبدالله بن واقد عن قتادة
وأبى الزبير، ليس بشيء".
وقال في ترجمة عبدالله بن واقد أبو قتادة
الحراني (3/353): "عن ابن جريج ... وحدثنا عبدالله بن أحمد، قال: سمعت يحيى
يقول: أبو قتادة عبدالله بن واقد الحراني ليس بشيء".
وقال ابن عدي في ترجمة عبدالله بن واقد أبو
قتادة الحراني في الكامل (5/320): "ثنا ابن حماد، حدثني عبدالله بن أحمد،
سمعت يحيى بن معين يقول: (عبدالله بن واقد أبو قتادة الحراني ليس بشيء)، ثنا أحمد
بن عمير قال: سمعت عباس الدوري، سمعت يحيى بن معين يقول: (أبو قتادة الحراني ثقة)،
ثنا ابن حماد، ثنا عباس، عن يحيى قال: (أبو قتادة الحراني ليس به بأس، ولكن كان
كثير الغلط)، قال: وسمعت يحيى مرة أخرى يقول: (أبو قتادة عبدالله بن واقد الحراني
ليس بشيء).
وقال في ترجمة عبدالله بن واقد أبو رجاء
الخراساني (5/419): "ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره".
أقول والعلم عند الله: أن العقيلي أخطأ فجعل
الذي يحدث عن قتادة هو عبدالله بن واقد الخراساني الهروي أبو رجاء، بدليل أنه ذكر
في ترجمته رواية محمد بن يحيى بن كثير الكلبي الحراني عنه، وهذا إنما يروي عن
الخراساني كما في تاريخ الدوري عن ابن معين، والذي يروي عن قتادة هو: الحراني أبو
قتادة.
والذي وثقه ابن معين هو الخراساني كما في
رواية الدارمي، ولذا نقل ابن أبي حاتم توثيق ابن معين في ترجمته في الجرح والتعديل
(5/191)، وبتوثيق ابن معين وتوثيق الإمام أحمد يتعقب كلام ابن عدي فيه في الكامل
حيث قال في ترجمته: "ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره".
وأما الذي اختلف فيه قول ابن معين فهو أبو
قتادة الحراني، ففي رواية عبدالله بن أحمد قال: "ليس بشيء، وكذلك في رواية
ابن حماد عن الدوري عنه، وفي رواية أحمد بن عمير وابن حماد عن الدوري أنه وثقه،
ولذلك أورد الحافظ هذا الاختلاف على ابن معين في ترجمة عبدالله بن واقد أبو قتادة
الحراني في التهذيب له (6/61) فقال: "قال عبدالله
بن أحمد: وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال الدوري، عن يحيى: ثقة".
وهذا هو الذي يتوقف في حاله عند ابن معين
حتى يأتي ما يرجح أحد القولين، أو يجمع بينهما.
وقال الحافظ في التهذيب (4/14): "واختلف
فيه قول أبي داود، فقال الآجري عنه: ثقة، وقال مرة سألته عنه: فلم يرضه".
وقال فيه (4/18): "قال النسائي: ضعيف،
وقال النسائي في الجرح والتعديل: ثقة، فينظر في أينٍ قال إنه" ضعيف".
وفي ترجمة سعيد بن خالد بن أبي طويل الذي
قبله قال: "وفرق ابن حبان في الثقات بين سعيد بن خالد القرشي، روى عن واثلة وأنس رضي الله عنهما، وعنه ابن عياش، وبين
سعيد بن خالد بن أبي طويل، روى عن أنس رضي الله عنه، وعنه محمد بن شعيب كذا قال،
وهما واحد، والله أعلم".
قال أبو بكر البرقاني في
سؤالاته (179): حدثنا أبو الحسن الدارقطني: ... وأبو حذافة قوى السماع عن مالك، قال
لنا المحاملي: سألت أبى عنه؟ فقال: سألت أبا مصعب عنه؟ فقال: كان يحضر العرض معنا على
مالك، قال أبو الحسن: إلا أنه قد لحقته غفلة، قرئت عليه أحاديث ليست عنده".
وقال الخطيب في تاريخه (5/41): "قرأت في كتاب الدارقطني
بخطه، ثم حدثنيه أحمد بن محمد العتيقي عنه قال: أحمد بن إسماعيل السهمي أبو حذافة ضعيف
الحديث، كان مغفلاً، روى الموطأ عن مالك مستقيمًا، فأدخلت عليه أحاديث عن مالك في غير
الموطأ فقبلها، لا يحتج به".
وقال: "سألت البرقاني عن أبى
حذافة؟ فقال: كان الدارقطني حسن الرأي فيه، وأمرني أن أخرج حديثه في الصحيح".
أقول: يمكن أن يحمل ذم الدارقطني في أحمد بن
إسماعيل على روايته عن مالك فيما لم يكن داخل الموطأ، لكونها أدخلت عليه فقبلها،
وأدخلها في الموطأ، فكان كان هذا وإلا توقف في كلام الدراقطني فيه.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق